إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 24 أكتوبر 2015

نشأة الفلسفة



                              I.            تحديد إطار النشأة

1)     إطار المدة الزمنية

لم تظهر الفلسفة بمحض الصدفة، بل هي نتيجة لعدة متغيرات صاحبت المجتمع الإنساني وخصوصا منه اليوناني، حيث انتقل التفكير من مجال الميثوس إلى مجال اللوغوس بدءا من القرن الثامن قبل الميلاد إلى القرن الرابع قبل الميلاد. ويمكن تحديد الإطار العام لنشأة الفلسفة اليونانية في سنة 600 قبل الميلاد ، حيث في هذه الفترة  ازدهر وشاع اسم الفيلسوف "طاليس" . (الجدول على السبورة ).

2)      الإطار المكاني
يتميز الإطار المكاني بالامتداد و التنوع، فقد نشأت الفلسفة أول ما نشأت ليس في أرض يونانية، بل على أرض آسيوية ولكنها صارت يونانية بالثقافة قبل تاريخ 600 قبل الميلاد، وهي منطقة أيونيا وتقع اليوم داخل حدود الجمهورية التركية، وعلى التحديد في أهم مدنها و أغناها في ذلك الوقت ميلطية.


                               I.            عوامل تكون ظاهرة الفلسفة

1)     العوامل  الطبيعية

اليونان هم نتيجة التقاء روافد متنوعة و متتابعة من المهاجرين، تعيش في منطقة يحيط بها البحر من كل جانب تقريبا، على أرض تربتها غير مواتية للزراعة المكثفة، وفي مناطق جبلية وشبه جبلية غير متصلة ببعضها إلا قليلا. وسيستمر شعب اليونان عبر كل تاريخهم وهم في حركة دائبة وتنقل مستمر بين مدينة وأخرى. هذه  الهجرات و هذا التنوع السكاني سيؤدي إلى بروز شكل من التفتح الذهني نستنبط أبرز خصائصه وهي :

j                 تواجد المختلفين معا، حيث لا قوة لتقاليد راسخة.

j                 ذهن مرن يتوقع الاختلاف في كل لحظة، فهو منفتح دوما على الغير، وكذلك على الأفكار المختلفة.

j                 حب الاستقلال والاتجاه نحو التفرد و الاختلاف، وحب الكلام والنقاش.

2)     العوامل الثقافية

تبرز أهمية العامل الثقافي اللغوي في ظهور الفلسفة، لأن اللغة اليونانية قد تجردت تماما من استخدام الصور كما في الخط الهيروغليفي المصري، واستخدمت رموزا خالصة هي" الأبجدية" اللاتينية. ولقد ساعد التفكير البرهاني الحجاجي على التخلص من قيود التصوير المادي للمعاني التي ارتبطت بالخطاب الأسطوري، ليتجه بذلك تدريجيا نحو التجريد الخالص والمتصل باللوغوس.

البلاغة
البرهان
اللغة الفلسفية
الصور
التشبيه
الاستعارة
...
الرموز
الاستنباط
الاستقراء
...
الأنطلوجيا : الوجود بما هو موجود
دراسة فلسفية للوجود انطلاقا من الطبيعة للبحث عن أصل العالم .

 

3)     العوامل السياسية

عرفت كل مدينة يونانية (POLIS)  وحدة سياسية قائمة بذاتها تحكم نفسها بنفسها، ولها كل مظاهر الدولة من السلطة الحاكمة و القوانين والجيش والسفراء وغير ذلك. وهذا النموذج طبق في سائر المدن اليونانية. وقد شهد حكم الدولة المدينة نظام الحكم الديمقراطي، وتظهر أهمية هذا النظام في كونه الإطار الذي ظهرت فيه فكرة الاستقلال والمساواة و الحرية الفردية، هذه الفكرة المركزية في حياة اليونان السياسية سيقوم على أساسها جل الفلسفة اليونانية.  

                           II.            الفلسفة اليونانية 

1.      تعريف الفلسفة

لم تكن الفلسفة تشير إلى مفهوم خاص، بل كانت تعبر عن حب الاستطلاع عامة، وبالتالي فإنها تعني كل جهد يقوم به العقل في سبيل تزويد صاحبه بالمعارف الجديدة، وهكذا كانت الفلسفة مرادفة للعلم. وتبعا لما تواترت به الروايات يعد فيثاغورس ( وهو العالم الرياضي الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد) أول من وضع معنى محدد لكلمة الفلسفة، فقد نسب إليه أنه قال بعد أن وصفه أحد تلامذته بالحكيم (sophos): " إن صفة الحكمة لا تنطبق إلا على الإله وحده، و ما أنا إلا محب للحكمة (= أي فيلسوف philosophe)". ومنذ ذلك العصر وكلمة الفلسفة تنتشر. كما أن الفلسفة تعني لغة في اللسان اللاتيني (محب للحكمة) وهي مركبة من كلمتين، فيلوس أي المحب أو العاشق، و صوفي وتعني الحكمة.

2.      مراحل تطور الفلسفة اليونانية

-         المرحلة الأولى: هي مرحلة نشأتها، وعرفت باسم الفلسفة الطبيعية أو الفلسفة الأيونية نسبة إلى منطقة أيونيا (الماقبل سقراطية)، وهي تمتد من العام 600 ق م إلى العام 430 ق م.

-         المرحلة الثانية: هي مرحلة النضج مع الفلاسفة: سقراط و أفلاطون و أرسطو الذين عاشوا بمدينة أثينا. وتمتد هذه الفترة من سنة 430 ق م إلى سنة وفاة أرسطو  عام 322 ق م.

-         المرحلة الثالثة: هي الفترة الأخيرة من الفلسفة اليونانية و عرفت ركودا لم تحقق فيه الفلسفة تجديدا مهما، وذلك منذ نهاية المرحلة الثانية سنة 322 ق م إلى سنة 529 ميلادية حين أغلقت المدارس الفلسفية.

 هذه هي سنوات المنحنى العمري للفلسفة اليونانية وهي على ما يقرب الألف و مئة سنة.

3.      فعل التفلسف

   إن العامل المشكل للذهنية اليونانية كان نابعا من الذات اليونانية نفسها التي أسهمت بفعل عامل الدهشة و حب الاستطلاع إلى ظهور نشاط التفلسف. واهتم الفلاسفة الطبيعة الأيونييون بالبحث عن العناصر الأساسية للوجود بطريقة تكتنف الحدس الفلسفي الذي يسعى للكشف عن أصل الكون. ومن أبرز الفلاسفة الأيونيين "طاليس" الذي أقر بوحدة الكون والطبيعة في مبدأ واحد و هو الماء. وبهذا يكون هو  أول من وصل إلى نظرة متكاملة إلى الوجود تقوم على فكرة المبدأ أو الأرخي ويعني هذا الأخير " في اللغة اليونانية السلطة و السيادة في آن واحد كما يدل أيضا على الأساس الذي يأخذ صورة النوموس والقانون".

جاء السفسطائيون فاحترفوا الجدل و الخطابة، وجعلوا من الفلسفة ضربا من التلاعب اللفظي الذي يعين صاحبه على تأييد القول الواحد ونقيضه على السواء. ولم تلبث النزعة الشكية أن دخلت الفلسفة على يد بروتاغورس وجورجياس، فشاع القول بالنسبية، وفقد الكثيرون إيمانهم بالحقيقة المطلقة، وأصبح هدف الفلسفة هو الجدل لمجرد الجدل، لا لطلب الحق أو إصابة اليقين.

ظهر سقراط فأحدث ثورة كبيرة في مجال الفلسفة، إذ وجه الدراسات الفلسفية نحو وجهة جديدة حين انصرف عن دراسة الطبيعة من أجل الاهتمام بالإنسان، وقد روي عن سقراط أنه " أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض، وأدخلها إلى صميم المدن والبيوت". ومعنى هذا أن سقراط قد حول الفلسفة إلى دراسة الأخلاق والسياسة، بدلا من الاقتصار على البحث في الفلك والطبيعة. ولكن سقراط لم يقف عند  حد الدفاع عن الأخلاق ضد مهارات السفسطائية، بل هو قد حرص أيضا على وضع منطق عقلي قوامه الإيمان بالعقل، والعمل على الوصول إلى الأفكار العامة أو المدركات الكلية... وقد وضع منهجا خاصا به، فكان يصطنع الجهل، ويقف من أدعياء المعرفة موقف المتهكم، لكي لا يلبث أن يستخلص الحقائق من نفس محدثه عن طريق الأسئلة المنظمة والاعتراضات المنطقية، وفقا لعملية جدلية تهيئ النفس لقبول الحق.  والمنهج السقراطي " منهج التهكم والتوليد" هو الأصل الذي تفرع عنه المنهج الجدلي الذي سنراه عند أفلاطون، والمنهج التحليلي أو القياسي الذي سنلتقي به بعد عند تلميذه أفلاطون ثم تلميذه أرسطو

-         على سبيل الختم

لقد اختلطت الفلسفة اليونانية في خاتمة المطاف بالروح الشرقية، فامتزج العلم بالأساطير، واختلط الفكر بالتصوف، وظهرت النزعات الإشراقية، فلم تعد الفلسفة علما تركيبيا أو نظرة كلية فحسب، بل أصبحت أيضا وجدا صوفيا ، وانجذابا دينيا، وأوهاما كشفية...إلخ . وهكذا كان تلاقي الفلسفة والدين بمثابة نقطة تحول حاسمة في تاريخ التفكير الفلسفي، فأصبح على الفلاسفة منذ ذلك الحين أن يواجهوا مشكلات جديدة لم يكن يعرفها أهل النظر المحض من رجال الفكر اليوناني.
 

هناك 6 تعليقات:

  1. slut ostad cv brit nsawalk ana makan9darch nhfad plise ostad warini kifach

    ردحذف
  2. تحية طيبة
    بالفعل مادة الفلسفة صعبة شيئا ما خاصة في مراحل تعلمها الأولى. ولهذا سأقترح عليك طريقة تيسر لك الفهم .
    خذ كل فقرة واقرأها جيدا ثم حولها إلى مجموعة من الأسئلة أو إلى سؤال واحدـ ثم أجب عليه بأسلوبك الخاص. وستجد بعده أنك قد استوعبت جيدا الدرس.
    بإمكانك إرسال التمرين مصورا على البريد ihssanephilosophie@gmail.com
    سأصحح التمرين و أقدم لك المزيد من الخطوات لفهم أكثر .
    بالتوفيق
    ذ.بودحيم إحسان

    ردحذف
  3. ustad ana kanfham mzuyan f flsafa wlkiin mle kanmchu ldar bach nrajee3 kanl9a rasssu nsseet kolchu ustaad
    please jawab....

    ردحذف
  4. اقترح على المختصين و من يملكون الخبرة في تدريس مادة الفلسفة ان يرسموا طريقة ناجحة لتقريب المادة اكثرلمستوى فهم التلميذ مع تدريبه تدريجيا لعملية تحليل النصوص والمقالات.

    ردحذف
  5. استاذ شوف الاطار المكاني واش قبل القرن 6 ق.م

    ردحذف